خصص موقع “إنفيستيج أكشن/ Investig’Action” لصاحبه الصحفي والكاتب الشهير ميشيل كولون، حوارا مع الكاتب والباحث الجزائري أحمد بن سعادة، تمحور حول جائزة غونكور الأخيرة، التي تم منحها لكمال داود. كاتب جزائري يعيش الآن في فرنسا، وهو كاتب عمود في صحيفة لوبوان الفرنسية.
زكرياء حبيبي
وتحت عنوان 3 أسئلة لأحمد بن سعادة بخصوص كمال داود الحائز على جائزة غونكور الجديدة، رد بن سعادة على أسئلة الصحفي روبن دولوبال.
وفي رده عن السؤال الأول،، “هل من الصدفة أن تتم مكافأة كمالل داود في سياق نزع الشرعية الدائمة عن الفلسطينيين ومؤيديهم”، قال بن سعادة “في كتابي عن كمال داود1، الذي كتبته عام 2016، ذكرت سمات كاتب المستعمر الجديد، أو ما يسميه المتخصصون “الذريعة العرقية”:
وتابع يقول أنه “من السهل التعرف على كاتب القرن الحادي والعشرين الخاضع للاستعمار الجديد. إنه الذي يندمج في أدب المستعمر السابق، ويتبنى تلقائيا الأفكار الأكثر رجعية، ويستخدم الصور النمطية ويسيء استخدامها، ويسعى جاهدا لشيطنة مجتمعه من خلال التلويح به بمجرد إثارة قضية الحجاب حتى تصبح حديث الساعة”.
وأكد الدكتور أحمد بن سعادة، ان هذا هو الثمن حتى يتم قبول أي كاتب، واستضافته على جميع البلاطوهات الإعلامية، واستضافته في المنتديات الأدبية المرموقة، ويتم تجميله مقارنة بأعظم المؤلفين و”المكرمين” بالجوائز المرموقة».
وفي هذا الصدد،، فإن موضوع الرواية، بالنسبة للمؤلف الخاضع للاستعمار الجديد، أهم بكثير من أسلوبها. فعليه يعتمد النجاح والشهرة. على حد تعبير بن سعادة
إضافة إلى ذلك، يعتبر المؤلف أحمد بن سعادة أن مواقف كمال داود الأيديولوجية هي التي فتحت له أبواب القبول والاستحسان من قبل اللوبي الصهيوني الفرنسي وكل “محب للصهيونية”. وقال في هذا الشأن “يكفي فقط إلقاء نظرة على المجلة التي ينشر فيها لتفهم محتوى كلامه الصاخب الذي يجعل كارهي الإسلام وغيرهم من أتباع نظرية “الاستبدال العظيم” يشعرون بالابتهاج”. “ولكن قبل كل شيء، بسبب مواقفه بخصوص فلسطين، قام هذا اللوبي بتطويبه قبل التقديس الأدبي الأخير”.
وأشار بن سعادة، أنه بتاريخ 12 يوليو/تموز 2014، أي بعد أربعة أيام فقط من اندلاع المجزرة ضد غزة، نشر كمال داود مقالاً في صحيفة وهران اليومية بعنوان “لماذا لا “أتضامن” مع غزة”2.
وفي 23 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، كتب مقالاً بعنوان “الحرب بين حماس وإسرائيل: رسالة إلى إسرائيلي مجهول من كمال داود” وكان نص العرض بليغاً للغاية: “يوجه كاتب الافتتاحية رسالة مؤثرة إلى متلقي إسرائيلي، تربى على الكراهية. لكنه تعلم أن يفهم. جهد يجب على العالم العربي أن يبذله” يقول داود. وهو اامقال الذي نشرته بالطبع “منصة اليهود”3. وفي الفترة نفسها، قام كمال داود بتأليف خاتمة الكتاب الجماعي بعنوان يكشف مضمونه: “مذبحة في القرن الحادي والعشرين: إسرائيل 7 أكتوبر 2023”.
أما بالنسبة للجودة الأدبية لروايته المتوجة، دعا بن سعادة القراء إلى العودة إلى التحليل الرائع الذي قدمه كريستيان شوليه عاشور، المتخصص في الأدب الفرنسي4. وقال شوليه يمكننا أن نقرأ: “هذه الرواية الثالثة لكمال داود تواجه صعوبة في تحقيق مكانة العمل الأدبي الكبير. …] من المؤكد أنها ستحصل على جوائز ولكن ربما ليس لأسباب أدبية.
وفي رده عن السؤال الثاني، بخصوص الإعلام الفرنسي وإعجابه بداود، أوضح بن سعادة قائلا: أنه “لا يوجد فرق بين وسائل الإعلام الفرنسية السائدة. إنهم جميعًا يعملون في نفس الاتجاه ويتم إسكات أي صوت معاكس بسرعة.
وقد رأينا ذلك بوضوح في تغطية الصراع بين روسيا وأوكرانيا، وقبل كل شيء، في مذبحة الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني على يد الجيش الصهيوني. ويحظى هذا المؤلف بشعبية كبيرة لأنه يتمتع بكل سمات “العذر العرقي” أو “المخبر المحلي”. “كما يخبرنا المحلل السياسي توماس سيريس أن كمال داود بمثابة “ذريعة عرقية تدعم الخطابات الثقافية أو العنصرية أو المعادية للإسلام”.
ووفقا للمصطلحات التي يستخدمها آلان غريش، فإن “المخبر من السكان الأصليين” هو الشخص الذي “ببساطة لأنه أسود أو مسلم، يُنظر إليه على أنه خبير في شؤون السود أو المسلمين. وفوق كل شيء، لديه ميزة قول ما “نريد” سماعه” 6. وهذا هو دور كمال داود حسب بن سعادة.
وتطرق الأخير إلى إدانة كمال داود بتهمة “الضرب العمدي” لزوجته السابقة. وبالفعل، فقد أدين كمال داود من قبل محكمة وهران (الجزائر) عام 2019 بهذه الجريمة، وهو ما نقلته وسائل إعلام جزائرية، وهو ما اعتبره بن سعادة مؤشر آخر على تواطؤ وسائل الإعلام السائدة في قضية كمال داود وحماية هذا المؤلف من قبل اللوبي المذكور أعلاه:
وراح يتساءل، “فكيف يمكن إذن تفسير هذا الصمت المطبق من جانب وسائل الإعلام السائدة بشأن هذه القضية؟ والأسوأ من ذلك هو تقديم كمال داود كمدافع عن حقوق المرأة”! وبأقل من ذلك، تم التشهير بشخصيات عامة وجرها في الوحل على الساحة الإعلامية. لكن ليس هذا هو الحال بالنسبة لكمال داود. الذي تم منحه جائزة غونكور الذي سيواصل الحديث مرارًا وتكرارًا عن “حرية المرأة” في جميع بلاطوهات فرنسا ونافار.
وفي رده عن السؤال الأخير، يقول بن سعادة، أنه كان يعرف كمال داود من خلال قراءة أعمدته في جريدة Quotidien d’Oran. وقال أنه حقق شعبية كبيرة من خلال انتقاده العلني للحكومة وإخفاقات المجتمع الجزائري، الأمر الذي نال إعجاب القراء.
لكن كتاباته انزلقت تدريجياً من النقد البناء إلى إهانة مجتمعه، والوقاحة الفكرية والإهانة والسب والشتم…، ثم طوّر خطاباً يدعو إلى الحنين إلى الاستعمار بعبارات مثل “الأرض لمن يحترمها. إذا كنا نحن الجزائريين غير قادرين على القيام بذلك، فمن الأفضل أن نعيدها إلى المستوطنين”. وأظهر بعد ذلك نفوره من اللغة العربية التي يعتبرها ميتة أو “لغة الاستعمار” بينما الفرنسية “لغة الحرية”.
من وجهة نظر بن سعادة، فإن كمال داود وصل إلى نوبة كراهية الذات في قضية الاغتصاب في كولونيا. ومن دون انتظار نتائج التحقيق (التي كشفت أن هذه القضية كانت خدعة خالصة)، ووصف كاتب العمود اللاجئين العرب بأنهم “مغتصبون محتملون”.
ولتأكيد حقيقته التي يقصدها قراء عالم «التنوير»، العالم «المتحضر»: «يكتشف عامة الناس في الغرب، في خوف وهياج، أن الجنس في العالم الإسلامي مرض وأن وهذا المرض ينتشر في أراضيه” 7.
وفي ختام حديثه، أكد بن سعادة أن هذه الحلقة “المبالغ فيها” أي قضية كولونيا، هي التي دفعته إلى تأليف كتاب 8، عام 2016، عن الأيديولوجيا التي تتناقلها كتابات كمال داود. وقال في هذا الخصوص انه لاقى بعد إصدار هذا الكتاب العديد من الانتقادات اللاذعة في ذلك الوقت.
وخلص يقول “لكن بعد مرور ثماني سنوات، أثبتت المغامرات التي لا تعد ولا تحصى لهذا الكاتب الخاضع للاستعمار الجديد أنني على حق، في رأي عدد متزايد من القراء المطلعين. ومن الصعب أن تكون متقدمًا على وقتك. ولكن أن تأتي متأخرا أفضل من ألا تأتي أبدا، أليس كذلك”؟
المراجع:
1 Ahmed Bensaada, « Kamel Daoud : Cologne contre-enquête », Ed. Frantz-Fanon, Alger 2016
2 Kamel Daoud, « Ce pourquoi je ne suis pas “solidaire” de la Palestine », Le Quotidien d’Oran, 12 juillet 2014, p.3
3 Kamel Daoud, « Kamel Daoud. Lettre à un Israélien inconnu », Tribune juive, 26 octobre 2023, https://www.tribunejuive.info/2023/10/26/kamel-daoud-lettre-a-un-israelien-inconnu/
4 Christiane Chaulet Achour, « “Houris” de Kamel Daoud ou… écrire sa catabase », Collateral, 17 septembre 2024, https://www.collateral.media/post/houris-de-kamel-daoud-ou-%C3%A9crire-sa-catabase
5 Thomas Serres, « Autopsie d’une défaite et notes de combat pour la prochaine fois », Article 11, 2 mars 2016, http://www.article11.info/?Autopsie-d-une-defaite-et-notes-de
6 Alain Gresh, « Bidar, ces musulmans que nous aimons tant », Le Monde diplomatique, 25 mars 2012, http://blog.mondediplo.net/2012-03-25-Bidar-ces-musulmans-que-nous-aimons-tant
7 Kamel Daoud, « La misère sexuelle du monde arabe », The New York Times, 12 février 2016, http://www.nytimes.com/2016/02/14/opinion/sunday/la-misere-sexuelle-du-monde-arabe.html?_r=0
8 Ahmed Bensaada, « Kamel Daoud : Cologne contre-enquête », Op. Cit.