تتعرض الجزائر منذ سنوات لحروب إعلامية ممنهجة تهدف إلى زعزعة استقرارها والتأثير على قراراتها السياسية والسيادية. هذه الحروب ليست مجرد تغطيات إعلامية منحازة، بل هي جزء من استراتيجية متكاملة تستخدم وسائل الإعلام التقليدية والرقمية لنشر الأخبار الكاذبة، وتضليل الرأي العام، وخلق أزمات وهمية. تعتمد هذه الحملات على استهداف القضايا الحساسة، سواء على الصعيد الداخلي مثل الإصلاحات السياسية والاقتصادية، أو على الصعيد الخارجي فيما يخص علاقات الجزائر الدولية، خاصة في محيطها الإقليمي.
تعتمد هذه الحروب الإعلامية على عدة أساليب، أبرزها نشر الأخبار الزائفة والتضليل الإعلامي، حيث يتم تداول معلومات مغلوطة حول الوضع الداخلي في الجزائر، مثل الأوضاع الاقتصادية، والاستقرار الأمني، والحريات السياسية، وذلك بهدف خلق حالة من الإحباط وفقدان الثقة بين المواطن والدولة. الإعلامي الجزائري علاء الدين مقورة كان قد أشار عبر حسابه إلى بعض هذه الممارسات، مؤكدًا أن هناك جهات تسعى إلى تشويه صورة الجزائر دوليًا. كما تلعب بعض القنوات الفضائية والمنصات الإعلامية الأجنبية دورًا في توجيه حملات تشويه ضد الجزائر، من خلال تقارير مضللة، وأحيانًا عبر استضافة شخصيات تدعي المعارضة للترويج لخطاب يهدف إلى تأجيج الشارع الجزائري.
مع تزايد انتشار الأخبار عبر الإنترنت، أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي ساحة للحرب الإعلامية، حيث يتم إنشاء حسابات مزيفة وصفحات ممولة لنشر الشائعات والتأثير على الرأي العام. وقد كشفت دراسات وتقارير رسمية عن وجود حملات منظمة تستهدف الجزائر عبر هذه المنصات، باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي للتلاعب بالاتجاهات العامة.
تهدف هذه الحملات الإعلامية إلى إضعاف مؤسسات الدولة من خلال التشكيك في شرعيتها وقدرتها على إدارة الأزمات، وخلق حالة من الانقسام الداخلي عبر استغلال القضايا الاجتماعية والسياسية لزرع الفتنة بين مختلف فئات الشعب، والتأثير على السياسة الخارجية الجزائرية، خاصة فيما يتعلق بمواقفها تجاه القضايا الإقليمية مثل قضية الصحراء الغربية، والعلاقات مع دول الجوار، ودورها في منظمات مثل الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية.
في مواجهة هذه التحديات، اتخذت الجزائر عدة إجراءات لحماية نفسها من هذه الحملات الإعلامية، أبرزها تعزيز الإعلام الوطني بمختلف وسائله، وتطوير القنوات العمومية والخاصة لمواكبة التطورات الإعلامية الحديثة، إضافة إلى الاستثمار في الصحافة الإلكترونية لمواجهة الأخبار المزيفة.
كما قامت الدولة بسن قوانين لمحاربة التضليل الإعلامي على الإنترنت، ومعاقبة الجهات التي تروج لمعلومات مغلوطة تستهدف الأمن القومي.
إلى جانب ذلك، تعمل الجزائر على تعزيز الوعي الإعلامي لدى المواطنين من خلال حملات توعوية تدعو إلى التحقق من مصادر الأخبار قبل تصديقها أو نشرها، وتشجيع الإعلاميين المحليين على التصدي لهذه الحملات عبر تقديم رواية جزائرية موثوقة للأحداث.
رغم كل هذه الجهود، تبقى الحرب الإعلامية ضد الجزائر تحديًا مستمرًا يتطلب تطوير استراتيجيات متجددة تتناسب مع سرعة انتشار المعلومات عبر الوسائل الرقمية. فالإعلام لم يعد مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل أصبح أداة في صراعات النفوذ، ما يستدعي من الجزائر تعزيز قدرتها على إدارة المعركة الإعلامية بفعالية لحماية سيادتها ومصالحها الوطنية.
بقلم علاء الدين مقورة
مدير نشر الجريدة الإلكترونية خبر برس