رئيس مجلس الأمة المجاهد صالح قوجيل
تحل علينا نهار اليوم الثامن عشر من فيفري 2024 مناسبة غالية ومميزة تقترن بشكل عضوي بتاريخنا العريق وثورتنا المجيدة الخالدة، إنها بلا ريب اليوم الوطني للشهيد الذي دأبنا على الاحتفاء به والوقوف على مغزى التضحيات الجسام لبنات وأبناء شعبنا الأبي من أجل الاستقلال والحرية، التي خلد الشهداء فيها أروع المواقف في مناهضة الاستعباد ونبذ الظلم، بإرادة صلبة، لا يرهبهم ولا يردعهم عن تحقيق الهدف المنشود طغيان الاحتلال وسائر أفعاله الإجرامية في قهر الشعوب ونهب خيراتها.
إنها مناسبة غالية تذكرنا دوما بأن شهدائنا الأبرار باقون أحياء في ذاكرة الشعب وفي تاريخ البلاد، وهي سانحة كي نتذكر كلنا بأننا مدينين لهم بالنصر والفخر بعد إسترجاع سيادتنا الوطنية، ونعبر لهم عن امتناننا لما حققوه لصالح الجزائر من مجد وشموخ، وبأن تضحياتهم عبدت الطريق أمام الأجيال لمواصلة مسار البناء والتشييد وخدمة الوطن.
لقد دافع الشهيد عن هوية الوطن والشرف وقيم الأمة الحضارية والدينية والثقافية، بل عن وجودها وضمان استمرارها، بداية بالمقاومات الشعبية وصولا إلى ثورة نوفمبر المجيدة، بعد أن جرد نفسه من الخوف والضعف واستجمع قواه لخوض مسيرة التحرير والتضحية في سبيل حريته وقضيته العادلة، لينال بعدها الشهادة والخلود في جنة الرضوان.
فالواجب يقتضي من كل الأجيال المتعاقبة أن تنحني في هذا اليوم وكل أيامنا باحترام وخشوع لأولئك الذين كرمهم الله تعالى بالمراتب العلى بين الصديقين، لأنهم ضحوا بأرواحهم من أجل أن يستقل الوطن ويتحرر الشعب وتنبعث هويتنا من جديد، لذلك فاليوم، نترحم عليهم ونعترف بما لهم علينا من فضل وما يجسدونه من رموز يقتدى بها في سبيل التضحية والتفاني في خدمة البلاد.
إن الجزائر، بالتعديل المعمق لدستورها في الفاتح من نوفمبر لسنة 2020، قد حرصت وبتوجيهات السيد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، على ترسيخ الممارسة الديمقراطية وتوسيع المصفوفة الوطنية للحقوق والحريات وأكدت على تمسك شعبها بهويته وقيمه الوطنية مع تعزيز مكانة المرأة والشباب في الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية من أجل استكمال بناء الجزائر الجديدة.
وتأسيسا على كل ما سبق، إنني كمجاهد أذكر أنه مهما كان واقع الحال فالغاية المنشودة تبقى الحفاظ على هذا الوطن لأجياله الحالية والآتية باستكمال بناء الجزائر الجديدة التي ترتكز على دولة الحق والقانون والمواطنة التامة غير المنقوصة والمستندة على الإرث النوفمبري، كما أدعو كل فئات الشعب الجزائري وفي مقدمتها الشباب إلى الالتحام والتمسك بثوابت الأمة وبمزيد من اليقظة والعمل الخلاق لتحقيق تنمية شاملة في ظل دولة وطنية قوية واستخلاص المعاني والدروس من تضحية شهداء الثورة التحريرية في سبيل الوطن، ثم استقراء مواقفهم بمنطق الحاضر لمواجهة تحديات المستقبل… وفي هذا السياق أحيي مؤسسة الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني بحق وجدارة ومعه كافة المصالح الامنية التي تبقى جلها بمثابة ذلكم الجدار الوطني الحصين الذي تصد به مجتمعة تلك المطامع العدوانية التي تستهدف الجزائر وشعبها. … ولنجعل من إحياء ذكرى اليوم الوطني للشهيد مناسبة من أجل صون وصية الشهيد “أتهلاو في الجزائر” واستكمال رسالته نحو تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة والرفاهية الاجتماعية للجميع دونما تمييز وفق قيم ومعالم ثورة نوفمبر وأبطالها الذين بعون الله ثم بفضلهم استعادت الجزائر استقلالها وسيادتها وحريتها…
ختاما، أقول “يا رفاق السلاح الذين تساموا عنا بفضل الشهادة وحازوا عند الله مرتبة الشهداء والصديقين، اطمئنوا فإن عهدكم محفوظ وجزائركم أمانة مصانة في أعناق أبنائكم وأحفادكم، وها هي في عهدها الجديد تخوض معارك التنمية والازدهار وتعزيز الأمن والأمان وتستعيد وهجها وألقها الدبلوماسي في المنطقة والعالم، باقتدار وحكمة تحت قيادة ابنكم البار الرئيس عبد المجيد تبون مستندا في ذلك إلى إرثكم الخالد في الاقتدار والتضحية ونكران الذات والإيمان بالله وبالوطن… ومحاطا بالإرادات المخلصة والتفاف الشعب الجزائري الكريم حول الأهداف السامية للأمة…”
عاشت الجزائر شامخة وقوية،
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.
رئيس مجلس الأمة المجاهد صالح قوجيل